الجمعة، أكتوبر 16، 2009

الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والإسم الأعظم



الإسم الأعظم والرسول الأعظم
عالم سبيط النيلي






ان هذه التسميات متلائمة مع بعضها فقولهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم اشرف الكائنات أو سيد الكائنات ملائم للموصوف اذ الشرف هو العلوّ والرفعة فهو أعلى الموجودات فهو إذن أقوى منها، لأن (الأنا) عنده بلغ درجة الانعدام فلم يقترب بهذا الإقرار من الحقيقة بل كان هو نفسه حقيقة وبالتالي يرتفع على الموجودات ويمتلك القدرة التامة على التحكمّ بها لأن هذا التحكمّ محكوم بالألوهية أصلاً فالذين يقللوّن من أهمية الكلمات بحجة الدفاع عن الوحدانية هم مثل إبليس الذي رفض السجود لآدم بحجة انه لا يسجد لغير الله.




ان إلهيئة الأكبر للاسم الأعظم هي معرفة الله معرفةً تجعل المرء أعلى من باقي الموجودات من خلال الإقرار بفناء الأنا، والفائز بهذه المعرفة هو في النهاية أقوى الموجودات - لأننا قلنا ان الفرق بين المحدود واللامحدود هو فرق لا محدود أيضاً، فإذا كان الأقوى في الوجود هو الأكثر خضوعاً لله فان مقولات المتحذلقين عن الغلوّ في الكلمات تذهب هباءً.




ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو (كلمة الله) التي جعلها العليا بقوله:




  وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا




وهي الآية التي تتحدث عنه حينما كان ثاني اثنين بمفردهما في الغار.




وإذا كان المسيح عليه السلام كلمة من الله وبمقدوره أحياء الموتى فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بمقدوره أحياء الموتى المتحركين على الارض وتحريك أو أحياء الجمادات، وهو سنلاحظه قريباً.




فالأشياء تتحرك وفق أرادته إذ كان لديك تحليل دقيق لبعض الحوادث وهو أمر لم يتأت لاحد قبله قط.




ان أحياء الكلمة في القلب اكثر صعوبة من أحياء الجسد الميت، ومع ذلك فقد برهن على ذلك عملياً حينما قام بأمر اكبر هو إخراج الكلام من الجماد.




فحينما طلب زعماء الملأ من قريش ان يريهم آية بمعزل عن قومهم جاءوه ليلاً وطلبوا ان يكون ذلك سراً بينهم وبينه، فتشاوروا في اقتراح آية من الآيات اعظم مما جاء به موسى والمسيح عليه السلام، ولذلك اقترحوا عليه ان يحي الكلمة في الجماد.




لقد عملوا بكل ما تفتقت به عقولهم بعد مشاورات اخرى مع اليهود، وكان هؤلاء هم الملأ من قريش لا امكر منهم في العرب يومئذ.




خرجوا إلى جبل من جبال مكة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم معهم يرافقه (الامام علي) الذي ذكر الحادثة في ما بعد.




قالوا: قل لهذا الجبل يشهد لك بالولاية والنبوة والرسالة! لقد أجاب الجبل بلسان عربي مبين عمّا سأله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مقراً له بما أراد.




وحينما زعموا انّه بث بين صخور الجبل اتباعه في تلك الليلة المقمرة ليقوموا بالإجابة بدلاً عن الجبل أمر الجبل ان يسقط من أحجاره وان تخرج الكلمات من كل حجر على انفراد من اجل ان يسهّل عليهم عملية التفتيش عن الرجال المزعومين، بيد انهم وجدوا الصخور كانت صلدة جداً ولا يمكن كسرها للعثور على الرجال في داخلها وان تهاويها من الجبل كان شديداً ومدعاة للذعر كما لو كان الجبل يتمزق من داخله.




لقد اقترحوا ذلك لأنهم يدركون ان مثل هذا الطلب اكثر صعوبة من أحياء ميت لأن الميت يظلّ متجسداً بصورة الحي لكونه كان حياً يوماً ما ويغلب على الأذهان ان للميت شبحاً أو روحاً أو نفساً لذلك اقترحوا إحلال الحياة في الجماد.




وحينما فشلت محاولتهم ظنوا ومرة أخرى ان أبعد شيء عن النطق والكلام هو النبات، لأن الجماد وان لم ينطق من قبل الا انه يظل مجهولاً لا نعرف ماهيتهُ، فهناك أحجار تستعمل لتحريك الأرواح أو جلب الخير والشر عند بعض الكهنة والعرافيّن، اما النبات فانه يؤكل من الناس والحيوان ويدخل المعدة والكرش وتحرق جذوعه في النار وفي كل ذلك لا ينطق أبداً.




لذلك اقترحوا ان يأمر شجرة عظيمة باسقة في داره يأمرها ان تذهب وتعود وتنشطر إلى نصفين يذهب أحدهما ويأتي الآخر ثم طلبوا ان ينطبق النصف على النصف الآخر وتعود كما كانت وحينما وجدوا ان الكلمة تخرج وتدخل وتروح وتأتي مذعنة له طائعة في كل ذلك ثم تنطق الشجرة فتشهد له بالنبوة والرسالة في الجماد والنبات على حد سواء اكتفوا بترويج فكرة السحر كسباً للوقت الذي يحتاجونه للبحث عن اختبار جديد تكون فيه المادة أقوى من الكلمة.




وكل ذلك منهم انما هو غباء منقطع النظير لأن المادة ما كانت ولن تكون الا وليدة الكلمة جارية في ناموسها مذعنة لها فلن تكون اقوى منها بأي حال من الأحوال.




هذا قسم من نص الواقعة:




  ... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أيتها الشجرة ان كنتِ تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين اني رسول الله فانقلعي بعروقكِ حتى تقفي بين يديَّ بإذن الله، فو الذي بعثه بالحق أنقلعت بعروقها وجاءت ولها دويّ شديد وقصفّ كقصْفِ أجنحةِ الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله مرفرفةً والقت بغصنها الأعلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وببعض اغصانها على منكبي وكنتُ عن يمينه صلى الله عليه وآله فلما نظرَ القوم إلى ذلك قالوا -علواً واستكباراً - -فمرْها فلياتكَ نصفها ويبقى نصفها فامرها بذلك فاقبل اليه نصفها كأعجب إقبالٍ واشدّهُ دَوّياً فكادت تلتّفُ برسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا - -كفراً وعُتُواً - فَمُرْ هذا النِصْفَ فليْرجعْ إلى نِصفِهِ كما كان فأمره صلى الله عليه وآله فرجَعَ فقلتُ أنا: لا إله إلا الله، إنيّ أول من أقرَّ بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقاً بنبوتك واجلالاً لكلمتك فقال القومُ كلهمّ: بل ساحرّ كذابّ، عجيبُ السِّحر خفيفّ فيهِ وهلْ يصدّقك في أمْرك الاّ مثل هذا؟…  النص من آخر الخطبة 192/ نهج البلاغة.




  وإن يروا آيةً يُعرضوا ويقولوا سحرّ مستمر  2/54










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق