السبت، أكتوبر 03، 2009

لوعة عشقية


لحظة عشقية

السيد : يوسف العاملي

في اللحظة التي دخلتَ هذا العالم
وُضِعَ أمامك سلمٌ ليمكِّنك من النجاة.
في الأول كنت جمادًا، ثم صرت نباتًا،
ثم بعدئذٍ صرت حيوانًا: كيف يمكن لك أن تتجاهله؟
ثم جُعِلتَ إنسانًا موهوبًا معرفةً وعقلاً وإيمانًا.
انظر إلى هذا الجسد المصنوع من التراب، أيَّ كمالٍ اكتسب،
وعندما تتجاوز شرط البشرية، لا شكَّ في أنك ستغدو ملاكًا.
بعدئذٍ ستنتهي من هذه الأرض، وإقامتك ستكون في السماء.
هذه ابيات شعر لمولانا جلال الدين الرومي ذلك المجهول المحب الفاني في غيبات العشق الالهي الذي الهم العالم والعالمين عشق الوجود اللآمتناهي عشقا أزليا أبديا سرمديا، جعله محط رضا الكثير من العاشقين والمحبين عبر التاريخ والجغرافية .
جلال الدين الرومي عرف العشق الإلهي وعرفه العشق الإلهي ، في ملحمة أسطورية قل نظيرها في هذا الوجود الممتد عبر الأفاق ليفتح للعشاق طورا وجوديا مليئا بالأسرار وخبايا النفس الانسانية الملهمة .
فإذا كان الفيلسوف يستعمل العقل المنطقي والاستقرائي فالعارف العاشق يكون في تجليات فوق هذا الطور العقلي، فالعقل عقال والعشق ليس فيه عقل معتقل ومرتبط بشيء اخر دون الباري والفاطر ،هو لا متناهي هو مطلق هو لا نهائي في عوالم الوجود اللآمتناهية السابحة في الوجود الحقاني لأسماء الذات الإلهية المقدسة، هناك يكون العاشق السالك في تجليات فوق طور العقل الاستقرائي او المنطقي فيترجمها الشاعر السالك العاشق في ابيات شعرية غاية في الروعة والجمال واصدق مثال على ذلك قصيدة التائية الكبرى لابن الفارض وترجمان الأشواق لمحي الدين بن العربي والكثير
منهم عرفوا وآخرون اندسوا في صفحات الوجود لا يعرفهم إلا جاورهم من العشاق والشعراء والسالكين .
يوم غلبت في عشقك أيها الطالب والمطلوب، ويا أيها الجمال الذي هو فوق الوصف والإدراك خرجت هذه الابيات التي قطعت عقالي وأحرقت أوراقي وقطعت حبائل أرضي لأحلق في سماء وجودك اللآمتناهي، أيها الحبيب الأزلي السرمدي أيها الحبيب الذي بحث عنه في الصحاري وفي الجبال وفي البحار وفي السماء وفي الأرضيين فوجدتك كائنا في كل شيء ولا يخلو منك شيء، فوجدتك كما أنت ليس كمثلك شيء ، فقلت .
وبحر عشق قد سما بأرض*** يسري بطي المسافات إلى الله
ونور سر قد تجلى لقلب ***قد تطهر من كل شك وشرك .

فيا أيها الحبيب فلساني المليئ بالأوهام لا يدرك وصفك وقلبي المليئ بالأغيار لا يصل إلى كنه جمالك العالي فسامحني مسامحة الحبيب لحبيبه المتصابي الذي عجز لسانه عن وصفك كما هو جمالك أنت في ذات ذاتك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق